27 مايو 2025

قانون الجذب بين الحقيقة والخرافة

blog

قانون الجذب هو أحد أكثر القوانين إثارة للجدل منذ بداية ظهوره وحتى يومنا هذا، فقد صوّره البعض على أنه مصباح علاء الدين، فقط اطلب ما تريد وكرره، وفجأة ستجده أمامك!

وللأسف كل من صدّق هذه النظرية، حرم نفسه من الاستفادة من هذا القانون المذهل القادر على تقريب كل ما تريده منك بأفضل شكل ممكن، ولكن هذا يتم فقط عندما تستخدم قانون الجذب بالشكل الصحيح البعيد عن كل الخرافات والأكاذيب..

هل قانون الجذب حقيقي

أحضر ورقة بيضاء ناصعة وقلمًا أحمر، واجلس باستعداد. الآن، اكتب: "أنا أملك مليون دولار" 100 مرة يوميًا، دون انقطاع! لكن انتبه لا تستخدم ورقة مسطرة، ولا تغيّر لون القلم، وإلا… بوم! يختفي مفعول قانون الجذب فورًا!

هل هذا فعلًا سر تحقيق الأحلام؟ أم مجرد تمرين لتقوية عضلات اليد؟ 

في الحقيقة، قانون الجذب لا يعمل بهذه الطريقة الطقوسية السحرية التي يروّج لها البعض. الفكرة ليست في تكرار العبارات أو استخدام أدوات معينة، بل في الطريقة التي يوجّه بها الإنسان أفكاره وسلوكياته لتحقيق أهدافه، وهذا ما سنتعرف عليه معًا في السطور التالية..

قانون الجذب

قد تتساءل، كيف يعمل قانون الجذب؟

ببساطة، في العالم المادي كالمغناطيس مثلًا، فالقطب المغناطيسي يجذب عكسه، لكن في عالم الأفكار والمشاعر فكل شيء يجذب شبيهه..

الكون يعمل وفق قانون الذبذبات وكل شيء في الكون له ذبذبة خاصة به، الأشخاص، الأشياء، الأهداف، الممتلكات، وكل ما يخطر في بالك. وإذا أردت الحصول على شيء ما وجذبه إلى حياتك، ما عليك إلا أن تطابق ذبذباتك مع ذبذبات ما تريد، فقط بهذه البساطة..

ولكن إذا كان الموضوع بهذه البساطة، إذًا لماذا لا يعمل هذا القانون مع الكثيرين، بل أحيانًا يعمل بشكل عكسي!

لماذا لا يعمل معي قانون الجذب

بدايةً دعنا نتفق، بأن عبارة قانون الجذب لا يعمل هي عبارة غير دقيقة..

هل يمكنك أن تقول بأن قانون الجاذبية الأرضية لا يعمل لدي؟ هل يمكن أن تنجذب للأعلى بينما ينجذب كل الناس إلى الأسفل؟!

وكذلك قانون الجذب، فهو يعمل في حياتك شئت أم أبيت، ولكن الفرق أن بمعرفتك لكيفية عمله ستتمكن من تسخيره ليعمل لصالحك بدلًا من أن يعمل ضدك وتجذب أشياء لا تريدها معظم الوقت. 

أخطاء قانون الجذب

هناك العديد من الأسباب التي تقف عائقًا أمام جذب أهدافك، وفيما يلي سنتطرق إلى أبرز 3 أخطاء قد يواجهها بعض الناس عند تطبيق قانون الجذب..

  • بدايةً يجب أن تعلم بأن قانون الجذب لا يعمل بالأمنيات! يقول سبحانه: "لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ" سورة النساء. فجميعنا نرغب في أن نعيش أروع العلاقات، نمتلك أفخم القصور، نستمتع برصيد بنكي بملايين الدولارات، ونحافظ على صحتنا قوية، أليس كذلك؟

  • كذلك من أبرز الأخطاء المنتشرة هو الاعتماد بشكل كامل على الخيال والتوكيدات الإيجابية فقط، والاعتقاد بأن استمرار التخيّل مع تكرار التوكيدات هو ما سيقرّب الهدف منك، ولكن في بعض الأحيان هذا قد يكون أحد أسباب تأخر تجلّي الهدف، وهذا ما سنوضحه أكثر بعد قليل..

  • وأخيرًا التعلق؛ وهو رغبتك في أن تحصل على هدف محدد بوسيلة واحدة محددة لا تقبل غيرها، وترى بأن حياتك متوقفة على هذه الوسيلة ولن تكون سعيدًا مستمتعًا إلا إذا حصلت على هذا الهدف بهذه الوسيلة تحديدًا، مثل الزواج من شخص محدد، الحصول على وظيفة في مكان محدد، وغيرها الكثير.. وهذا ما وضحناه بشكل تفصيلي في مقال سابق التعلق المرضي والتعامل السليم معه اقرأ المقال لمعلومات أكثر عن التعلق.

هل لاحظت بأن لديك واحد أو أكثر من هذه الأخطاء، ولا تعرف بعد كيف تتعامل معها؟ اطمئن إليك الحل..

كيف أتعامل مع هذه الأخطاء

أولًا 

عليك أن تدرك بأن هناك فرق شاسع بين الأمنية وبين العزم والسعي الحقيقي، هناك فرق بين أن أتمنى أن أمتلك منزل جميل، وبين أن أضع خطة للوصول لذلك تتضمن نوعي السعي، سعي النفس وسعي الجسد؛ سعي النفس بأن أراجع أفكاري ومعتقداتي ومشاعري حول هذا الموضوع، وأتعامل مع كل ما هو سلبي منها، وأثق بالله الغني خالق كل ما هو موجود في هذه الدنيا، القادر على منحي كل ما أريد. وسعي الجسد بأن أبدأ بالقيام بخطوات عملية في الواقع المادي للوصول إلى ما أرغب به، في هذه الحالة أنت حوّلت هدفك من مجرد أمنية إلى هدف حقيقي قابل للتحقّق.

ثانيًا

التخيّل والتوكيدات هما من أساسيات الجذب الفعال، ولكن إذا استُخدمتا بالشكل الصحيح وإلا سيكون المفعول عكسي؛ دعني أوضح لك هذا..

راقب نفسك عندما تتخيّل وعندما تردد التوكيدات، ما هي مشاعرك وأفكارك في هذه اللحظات، هل تتخيّل ما تريد الوصول إليه لأنك تريد الهروب من واقعك، هل لديك رفض لما تعيشه الآن، لذلك تتخيّل ما تريده في المستقبل؟

هل تردد التوكيدات وبداخلك صوت يقول لك بأن ما تقوله غير صحيح ولا يمكن أن يحدث، ولكنك تستمر بترديد التوكيدات على أية حال؟

انتبه! كل ما ترفضه سيزداد وجوده في حياتك..

فالتخيّل أو التوكيدات وأنت في حالة رفض لواقعك الحالي الذي تعيشه، ستجعلان هذا الواقع يلتصق بك أكثر، ولن تكون قادرًا على تغييره. ولكن الاستخدام الصحيح لهما يكون بالبداية في تقبّل الوضع الحالي أيًا كان وتحمّل مسؤوليته واعتباره استحقاقًا عادلًا من الله، والسعي الصادق لتغييره، حينها عندما تقوم بممارسة التخيّل وترديد التوكيدات سيكون مفعولهما داعمًا لسعيك بدلًا من أن يكونا معرقلين له!

دعني أوضح لك ذلك بمثال: نفترض الآن أنك تريد أن تأكل ثمرة مانجو، بمجرد نيتك، ستنشأ مشاعر جميلة في جسدك، ثم ربما سيجري اللعاب في فمك مع استشعار طعم وحلاوة المانجو، وقناعات عقلية بأن الوصول لها يسير وسهل، وعندما ستقوم لتذهب للثلاجة أو حتى لبائع الخضروات ستكون في حالة روقان أثناء هذا السعي، لذا تدريبات الجذب هدفها أن تجعلك في هذه الحالة العقلية المشاعرية أثناء سعيك، لكن هل يعقل أن تكون رافضًا متألمًا لعدم وجود مانجو، تشعر بالنقص لأنها غير موجودة، تريدها بشدة ومتعلقًا بها، هذا لا يحدث في الغالب، لذا ستجد نفسك تستطيع الحصول عليها بسهولة أو كما نسميه (تجذبها لحياتك بسهولة). 

وأخيرًا

التعلق، أحد أكبر أسباب عرقلة الجذب..

هناك فرق شاسع بين أن تمتلك الرغبة في الوصول للهدف وبين أن تتعلق في الهدف، فالأولى تقرّبك منه بينما الثانية تبعدك عنه..

عندما تتعلق في هدف ما فأنت تنسى بأن الله غني! أنت تفترض بأنه لا توجد إلا وسيلة واحدة للوصول لما تريد، وبالتالي ترسم الطريقة التي تريد فيها تحقيق هدفك حرفيًا وبكل التفاصيل، ولذلك يبتعد عنك، بينما عندما تطلب من الله الواسع الغني أن يحقق لك هذا الهدف بالطريقة التي يراها الأنسب لك حاليًا عندها سيكون الجذب أسرع ويعمل لصالحك، مثلًا أنت تريد أن تدرس تخصص جامعي معين، فقط ضع الهدف هو الحصول على شهادة في هذا التخصص دون أي تفاصيل إضافية، كن واثقًا بأن خطة الله لك هي أفضل بكثير مما قد تخططه لنفسك، لا داعي لأن تحدد اسم الجامعة، واسم البلد، وعدد سنوات الدراسة، لا بل واسم الدكتور المشرف! 

يقول سبحانه: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} سورة الطلاق (3)

وفي الكتاب المقدس"تَوَكَّلْ عَلَى ٱلرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لَا تَعْتَمِدْ. فِي كُلِّ طُرُقِكَ ٱعْرِفْهُ، وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ." (أمثال 3: 5-6)

هل يتعارض قانون الجذب مع الدين؟

دعنا من المسميات وتأمل معي قول الله سبحانه في القرآن الكريم..

﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)﴾ (سورة النجم)

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (الرعد: 11)

﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ (الرحمن: 60)

وجاء في الكتاب المقدس:

"لأَنَّهُ كَمَا شَعَرَ فِي نَفْسِهِ هَكَذَا هُوَ." (أمثال 23: 7)

"اُطْلُبُوا تُعْطَوْا، اُسْعَوْا تَجِدُوا، اُقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَطْلُبُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَسْعَى يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ." (متى 7: 7-8)

"إِنْ كُنْتَ تَقْدِرُ أَنْ تُؤْمِنَ، فَكُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ." (مرقس 9: 23)

"لَا تَخَفْ، آمِنْ فَقَطْ." (مرقس 5: 36)

"وَإِنَّمَا يَطْلُبُ بِٱلْإِيمَانِ، غَيْرَ مُرْتَابٍ ٱلْبَتَّةَ، لِأَنَّ ٱلْمُرْتَابَ يُشْبِهُ مَوْجًا مِنَ ٱلْبَحْرِ تَخْبِطُهُ ٱلرِّيحُ وَتَزْجُرُهُ. فَلَا يَظُنَّ ذٰلِكَ ٱلْإِنْسَانُ أَنَّهُ يَنَالُ شَيْئًا مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ." (يعقوب 1: 6-7)

"الحق أقول لكم: لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم."( إنجيل متى 17:20)

وفي الحديث القدسي:

﴿أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبْدِي بِي﴾

كذلك جاء في الحديث النبوي الشريف:

«لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا» 

إذا كنت لا تؤمن بوجود قانون الجذب لا مشكلة، دعك من اسمه وتأمل بعمق في معنى الآيات السابقة، انسَ قانون الجذب ونفذ قول الله سبحانه في جميع الآيات السابقة وستصل إلى نفس النتيجة، فالله سبحانه في كتبه السماوية الثلاثة أكد على أهمية السعي، والتغيير الذي يبدأ من الداخل، وعلى قوة الإيمان والثقة بالله وتأثيرها المذهل. لذلك كن واثقًا بأن قانون الجذب لا يتعارض مع ما أمرنا به الله سبحانه، بل إنه يؤكده ويدعمه، ومع ذلك، إذا كنت لا ترغب بهذا الاسم فيمكنك أن تسميه (قانون الثقة بالله!)

خطوات قانون الجذب

بعد كل ما عرضناه عن قانون الجذب، قد يتبادر إلى ذهنك الآن سؤال، ولكن بعد كل هذا ما هي خطوات قانون الجذب؟

كيف يمكنني أن أطبق هذا القانون عمليًا لتحقيق هدفي؟

إليك الخطوات التالية:

1. حدد الهدف الذي ترغب في الوصول إليه

على سبيل المثال الحصول على مبلغ مالي.

2. اكتب معتقداتك عن المال

أحضر ورقة وقلم واكتب كل معتقداتك عن المال، سواء كانت سلبية أو إيجابية، خذ وقتك في هذه الخطوة، من الممكن أن تأخذ يوم أو يومين لكتابة كل المعتقدات.

3. قسّم المعتقدات إلى إيجابية وسلبية

قم بتقسيم المعتقدات إلى قسمين، معتقدات إيجابية ومعتقدات سلبية.

4. مناقشة المعتقدات السلبية

ابدأ بمناقشة كل المعتقدات السلبية التي لديك حتى تُضعفها وتلغي تأثيرها، مثلًا: إذا كان لديك معتقد بأنه لا يمكنك الحصول على المال لأنك ولدت في عائلة فقيرة، فورًا افتح الإنترنت وأجري بحث سريع عن أبرز الأثرياء في العالم واقرأ قصصهم، ولاحظ كيف أن الكثيرين منهم بدؤوا من تحت الصفر وليس من الصفر حتى!

إذا وجدت معتقد يقول لا يمكنني أن أصنع ثروة لأنه لدي ما يسمى بـ (إعاقة)، اذهب واقرأ قصص العظماء الذين استطاعوا رغم إعاقتهم تحقيق ثروات مذهلة، وعمل نفع رائع في الأرض مثل نيك فوجيسيك، مات ستوتزمان، وغيرهم الكثير..

5. استمر في مناقشة كل المعتقدات السلبية

أكمل في مناقشة كل المعتقدات التي لديك واحدًا تلو الآخر، حتى تنسف تأثيرهم بشكل نهائي.

6. تحديد المشاعر المرتبطة بالهدف

بعد نسف المعتقدات، فكّر ما هي المشاعر التي ستشعر بها عند وصولك لهذا الهدف، وابدأ في البحث عن مصادر أخرى لتتمكن من عيش هذه المشاعر الآن وفي هذه اللحظة، لأنك كما أصبحت تعرف الآن فإن الشبيه يجذب شبيهه.

7. الثقة بالله في تحقيق الهدف

بعد أن أنهيت خطوات السعي السابقة، وعملت عليها بعزم ونية صادقة حقيقية في التغيير، الآن عليك أن تثق بالله الغني وقدرته على أن يعطيك ما تريده، قم بتوكيله بالأمر وكن واثقًا بأنه سيعطيك ما تريد بأفضل شكل يراه مناسبًا لك. فقط ثق..
تخيّل أنك وقعت في مشكلة ما وقمت بتوكيل محامي ذو سمعة جيدة ومعروف بحل جميع القضايا التي لديه، في هذه الحالة ستشعر بالثقة وترتاح لمجرد توكيل المحامي وحتى قبل أن يتم الحل فعليًا، هل ستثق في محامي بشري مثلك، أكثر من ثقتك بالله خالق كل البشر؟

8. الاستفادة من الفرص التي تظهر

بعد ذلك ستبدأ الفرص بالظهور، كل ما عليك فعله هو أن تسعى بالمتاح بين يديك، وتستفيد من كل فرصة تظهر، تذكّر بأن قانون الجذب لا يعني بأنك ستستيقظ في الصباح لتجد حقيبة فيها مليون دولار أمام منزلك، وشخص يقرع الجرس ليقول لك رجاءً خذ النقود!
قانون الجذب سييسّر لك ظهور فرص تساعدك في الوصول إلى هدفك وكل ما عليك فعله هو أن تستفيد من هذه الفرص بأفضل شكل ممكن، لتجعل أهدافك حقيقة وليس مجرد أمنيات.


وإذا أردت أن تتعمّق بشكل أكبر في قانون الجذب وتتقن تطبيقه بشكل صحيح، بتدريبات عملية رائعة، يمكنك الانضمام الآن إلى دورة تطبيقات قانون الجذب في أكاديمية عمارة، اضغط هنا وشاهد الفيديو الأول من الدورة مجانًا..

نصائح ملهمة مماثلة