27 مايو 2025

كيف أعيش اللحظة الحالية وأحقق السلام الداخلي

blog

كيف أعيش اللحظة الحالية ولا أنجرف وراء أحزان الماضي ولا قلق المستقبل!

القدرة على العيش في اللحظة هو مفتاح السلام الداخلي الذي يسعى إليه الكثيرون. إنها ليست مجرد مفهوم، بل مهارة إذا أتقنتها ستكتشف سر السلام الداخلي الذي لن تتمكن من الوصول إليه ما لم تعش في اللحظة، وهذا ما سنتعرف عليه معًا في السطور القادمة..

قوة الآن

في ليلة مظلمة، بينما كان كل شيء يبدو بلا معنى، جلس رجل على سريره، غارقًا في دوامة من الأفكار التي لا تتوقف. كان يحمل بداخله صراعًا لا نهاية له، وكأن هناك شخصين في عقله يتجادلان بلا هوادة. فجأة، وسط هذا الضجيج الداخلي، برزت جملة واحدة بوضوح تام:

"أنا لا أستطيع العيش مع نفسي بعد الآن!"

تردد صدى هذه الكلمات في ذهنه، لكنه لم يمررها مرور الكرام. تساءل بفضول لم يعهده من قبل: "إذا كنت لا أستطيع العيش مع نفسي... فهل أنا شيء ونفسي شيء آخر؟"

في تلك اللحظة، حدث شيء غريب. وكأن بابًا قد فُتح في داخله، ساد صمت مطلق. كل الأفكار اختفت، وكل المخاوف تلاشت. لم يكن ذلك نومًا، ولم يكن يقظة، بل حالة من الحضور النقي لم يشعر بها من قبل. عند بزوغ الفجر، بدت الحياة مختلفة—كأن العالم خلع قناعه القديم وارتدى لونًا لم يره من قبل.

ذلك الرجل لم يكن سوى إيكهارت تول، وهذه كانت بداية رحلته نحو عيش اللحظة وقوة الآن..

ما هو العيش في اللحظة؟

أن تعيش اللحظة يعني أن تكون حاضرًا بكامل وعيك لما يجري الآن، دون أن تشتتك ذكريات الماضي أو مخاوف المستقبل. أن تعيشها بكل حواسك، بغض النظر عن كونها لحظة فرح أو ألم، إحباط أو تفاؤل.

السر يكمن في ملاحظتك للأفكار التي تطرأ على ذهنك، التحكّم فيها، وإعادتها إلى اللحظة الحالية كلما شردت. ففي هذه اللحظة لا وجود للماضي ولا للمستقبل، فقط الحاضر.

وقد أكد لنا الله سبحانه هذا، فقال:﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ (سورة الحديد: 23)، كذلك في إنجيل متى (6:34): "فَلا تَهْتَمُّوا لِيَوْمِ غَدٍ، فَإِنَّ يَوْمَ غَدٍ يَهْتَمُّ لِنَفْسِهِ. كَفَى لِكُلِّ يَوْمٍ شَرُّهُ."

أهمية العيش في اللحظة

  1. تقليل التوتر والقلق: التركيز على الحاضر يقلل من اجترار الأفكار السلبية والمخاوف المستقبلية، مما يساعد في تخفيف التوتر وتحسين الصحة النفسية.

  2. تحسين التركيز والإنتاجية: عندما يكون العقل مشتتًا بين الماضي والمستقبل، يستهلك طاقة هائلة. أما العيش في اللحظة فيعزز الإبداع ويزيد من الكفاءة في العمل والحياة اليومية.

  3. الاستمتاع بالحياة كما هي: عندما تدرك أن السعادة ليست هدفًا مستقبليًا بل حالة يمكن عيشها الآن، ستتوقف عن ملاحقة الأوهام وتبدأ في تقدير اللحظة بكل تفاصيلها.

هل تواجه صعوبة في عيش اللحظة؟

إذا أردنا أن نغوص بشكل أعمق سنكتشف بأن هناك رابط بين البحث عن السعادة والعيش في اللحظة. لعل السبب الأساسي لصعوبة الانغماس في اللحظة هو البحث عن السعادة في الخارج.

ربما لا تجد هذه اللحظة ممتعة فتنتظر أن تصل إلى شيء معين في المستقبل حتى تشعر بالسعادة وتستمر بهذا يومًا بعد يوم، وعامًا بعد عام، دون الوصول إلى لحظة حقيقية تشعر بها بأنك سعيد.

لذلك في البداية عليك أن تعرف بأن السعادة التي لا تُستمَد من الداخل لا يمكن أن تدوم، فعندما تجعل الخارج هو المتحكم بسعادتك، ستجعله كذلك المتحكم بتعاستك، فما يسعدك اليوم قد يحزنك غدًا، ولكن ما إن تستمدها من الداخل، لا يمكن أن يسلبها أحدٌ منك.

وسنتكلم بتفصيل أكبر في المقالات القادمة عن مفهوم السعادة..

كيف أعيش اللحظة الحالية

إليك أهم 3 تمارين يمكنك القيام بهم لكي تدّرب نفسك على عيش اللحظة والانغماس فيها..

1- التأمل

أحد أهم مميزات التأمل أنه يساعدك على إيقاف الأفكار والانغماس في اللحظة، ولمعلومات أكثر عنه اقرأ مقال ما هو التأمل؟ وإذا كنت تريد أن تبدأ بالتأمل بشكل عميق وأساس صحيح لتستفيد من هذه المهارة المذهلة، يمكنك الانضمام إلى دورة أساسيات التأمل المتاحة أونلاين على موقع أكاديمية عمارة.

2- تمارين التحكّم بالأفكار

أحضر شيء ما وابدأ بالتركيز عليه فقط؛ مثلًا قلم..

ابدأ بالتركيز على كل الأفكار المتعلقة فقط بهذا القلم، لونه، شكله، استخداماته، تصميمه، وغيرها من التفاصيل، وكلما وجدت بأن أفكارك تذهب إلى شيء آخر غير القلم، أعدها مرة أخرى، وحاول الحفاظ على التركيز لأطول فترة ممكنة، وابدأ بزيادة التوقيت في كل مرة أكثر من المرة التي تسبقها.

3- التركيز على الحواس

عندما تأكل، انتبه للطعم والرائحة والقوام. عندما تمشي، لاحظ شعور قدميك بالأرض. هذه الممارسات تبقيك في اللحظة.

 

وفي النهاية تذكر بأن هذه اللحظة هي المستقبل الذي كنت تحلم به، وهي كذلك الماضي الذي ستتذكره فيما بعد، فلماذا ستضيعها؟

الآن، خذ نفسًا عميقًا، وابدأ في عيش اللحظة بكل ما فيها..

 

نصائح ملهمة مماثلة