طاقة الأنوثة من المفاهيم التي تم تشويهها بشكل كبير في مجتمعاتنا، لا سيما في الدراما والإعلام، حيث تم اختزالها في صورة جسدية سطحية فقط، وتفريغها من معانيها الأعمق، فعندما نقول أنوثة يتبادر إلى ذهنك امرأة مغرية بشكل معين ولباس معين وطريقة تصرّف معينة، ولكن هل فعلًا هذه هي الأنوثة؟
قد تبدو هذه الجملة غريبة للوهلة الأولى، فغالبًا ما يتم الخلط بين المصطلحات، ولذلك علينا في البداية أن نُعرِّف المصطلحات بشكل واضح حتى نبني الأساس الصحيح لكل ما يلي..
أن تكوني أنثى أو ذكرًا هو أمر لا يمكن اختياره، لأنك تولدين إما أنثى أو ذكرًا. لكن اكتساب الصفات الشخصية الخاصة بالنساء أو الرجال هو اختيارك، بمعنى آخر، الذكر والأنثى كجنس هو شيء مختلف عن النساء والرجال كسمات شخصية.
ويحدث التحوّل المذهل في حياة كل شخص عندما يطابق بين جنسه وطاقته، أي أن تكون أنثى لديها طاقة أنثوية متوازنة فتفعّل سمات شخصية النساء، أو أن يكون ذكر لديه طاقة ذكورية متوازنة فيفعّل سمات شخصية الرجال، هنا سيكون الحصول على أي شيء ممكنًا بتفعيل الطاقة المتوافقة مع جنسك، حتى تعود للفطرة الأصلية التي فطر الله الناس عليها..
وفي السطور التالية سنتحدث بتفصيل أكبر تحديدًا عن طاقة الأنوثة.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} (سورة الحجرات: 13)
لقد خلقنا الله من ذكر وأنثى، وأعطى لكل منّا قوة عندما يقوم بدوره الصحيح، فللأنثى قوة وكذلك للذكر قوة، ولكن يحدث الخلل عندما تقوم الأنثى بمحاولة فرض قوتها بالطريقة الذكورية.
بمعنى آخر؛ عندما تسعى الأنثى إلى الوصول لأهدافها بالتحدي والمنافسة وفرض الرأي والقوة والانتقاد، هنا تتعامل بطاقة ذكورية مما يجعل الأهداف تبتعد عنها ولن تتمكن من تحقيق ما تريد أبدًا ما لم تبدأ بتفعيل قوّتها الأنثوية.
خلل طاقة الأنوثة يظهر جليًا في عدد من الصفات أهمها:
أي أن تحصل المعرقلات بسهولة كبيرة، بينما يتعرقل كل ما هو إيجابي. من السهل أن تشعر بالعصبية والضغط، ومن الصعب أن تشعر بالسلام والهدوء.
قد يتجلى هذا في ظهور شعر زائد غير مرغوب به في مناطق معينة مثل الوجه أو الذقن.
يكون هناك معاناة كبيرة وجهد في الوصول للأهداف ومع كل المحاولات تستمر الأهداف في التعرقل.
خلل الطاقة الأنثوية يجعل هذه النوعية من الرجال تنجذب إليكِ بسهولة، وستشعرين أنتِ أيضًا بالانجذاب إليهم، مما يجعلك تدخلين في حلقة مفرغة من تكرار نفس أنماط العلاقات.
حتى تتمكني من موازنة طاقتك الأنثوية، تعرّفي على أهم مسببات خلل الطاقة الأنثوية، لتتعاملي معها بطريقة صحيحة..
من أبرز مسببات اختلال طاقة الأنوثة هو تبنّي معتقدات المجتمع المغلوطة عن الأنثى، والاعتقاد بأنها ضعيفة، مهانة، ذليلة، ليس لها رأي، ولا يمكنها أن تحافظ على حقوقها أو أن تمضي قدمًا في رسالتها في الحياة.
من الممكن أن تؤدي نوعية الطعام التي تتناولها الأنثى إلى خلل في هرموناتها، مما يسبب اختلالًا في طاقة الأنوثة لديها. لذلك، من الضروري الحرص على تناول الطعام الصحي الحي القادر على موازنة هذه الطاقة بشكل رائع، ومن أمثلة هذه الأطعمة التي تؤدي إلى خلل في طاقة الأنوثة (السكر الأبيض والمخبوزات، الدهون الصناعية، منتجات الألبان الصناعية، الكافيين الزائد، المشروبات الغازية والكحول)
الانتقاد، المنافسة، الرفض، الإقدام، السيطرة، التحكّم، المراقبة، الحسم، الشدّة، كلها سمات ذكورية، ما أن تبدأ المرأة في تبنّيها في حياتها حتى تحصل على أسوأ النتائج، وذلك لأنها تتصرف عكس فطرتها التي فطرها الله عليها.
النوم المتأخر والاستيقاظ المتأخر، أيضًا من أسباب اختلال طاقة الأنوثة بشكل كبير.
عندما تفترضين بأن الشكل الخارجي هو ما سيمنحك الأنوثة أنتِ بذلك تدمّرين طاقتك الأنثوية! وعندها سينجذب إليك أيضًا رجال لديهم طاقة ذكورية مختلّة، لذلك عند الاهتمام بالمظهر الخارجي يجب أن يكون ذلك لأنك تشعرين أصلًا بأنك أنثى ولذلك تريدين الاهتمام، وليس الاهتمام لكي تشعري بأنك أنثى، فالفرق كبير بين الاثنين..
حتى تُفعّل المرأة طاقتها الأنثوية، يجب أن تكون الأفعال الأنثوية في حياتها بين 70% - 80% وألا تقل عن ذلك. وللأنوثة العديد من الصفات، وفيما يلي سنتحدث عن أهم ثلاث صفات منهم:
أول وأهم صفة هي السلام، لا يمكن أن تكتمل طاقة الأنوثة بالرفض والعناد واللوم، كل ما سبق يدمّر طاقة الأنوثة بشكل كبير، بينما سر الأنوثة يكمن في التقبّل والسلام، وهنا تكمن قوة الأنثى، حيث يمكنها الوصول إلى كل ما تريد بقوتها الناعمة، بتقبّلها للأمور وتغيير كل ما تريده بسلام واحتواء، بينما إذا حاولت الأنثى تغيير الوضع الذي لا ترغب به بالقوة والانتقاد والمنافسة عندها ستفقد أنوثتها ولن تتمكن من الوصول لما تريد.
وظهر هذا جليًا لدى بلقيس ملكة سبأ التي اتخذت من السلام سبيلًا لتحكم مملكتها بقوة أنثوية جعلت منها اسمًا خالدًا حتى يومنا هذا.
طاقة الأنوثة هي طاقة احتواء ورعاية، عندما تبدأ الأنثى في الانتقاد والرغبة في تغيير الآخر عندها تفقد جزء كبير من قوتها، لذلك في المرة القادمة التي تواجهين فيها موقف وتشعرين برغبة في الانتقاد تذكري حقيقتك، تذكري بأنك أنثى وهذه قوتك لذلك اختار الاحتواء والتقبّل.
أيضًا رأينا هذا جليًا في قصة السيدة خديجة، فعندما تزوجت النبي ﷺ، لم تكن مجرد زوجة، بل كانت داعمًا نفسيًا وروحيًا له، وعندما جاءه الوحي لأول مرة، هدأته بكلماتها المؤثرة، قائلة:
"كلا، والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق."
هنا لابد من التفريق بين مصطلحين (الخضوع والخنوع) لأن الشائع عند الإناث الآن هو فهم الخضوع على أنه خنوع، لكن الخضوع من أقوى محفزات طاقة أنوثة والخنوع من أسوئها، حيث أن الخضوع هو من أقوى أسلحة الأنثى وتستطيع به أن تجعل أي رجل طوع يديها بحب وود وبكامل إرادته أيضًا، لهذا نهى القرآن أن تستخدم الأنثى أقل درجات الخضوع وهو الخضوع بالقلب لكي لا تجذب الأشخاص الذين لا يستطيعون التحكّم في أنفسهم، والجدول التالي يبين الفرق بين الخضوع والخنوع.
الخضوع |
الخنوع |
قرار إرادي ذكي |
اضطرار بسبب الخوف وانعدام القيمة الذاتية |
من أقوى طاقات الأنوثة ومحفز وجاذب للرجال لإظهار الاحتواء والاحتضان والدلال |
منفر للرجال ومحفز للسخرية والاحتقار والإهانة |
يزيد الألفة والمودة بين الطرفين ويحفز كل طرف لإسعاد الآخر |
يزيد النفور والكبت والغضب الداخلي والألم المتراكم |
نابع من ثقة داخلية ويعطي الرجل إشارة بأنه موثوق فيه مما يجعله يثق في رأيها ويهتم بتلبيته |
نابع من عدم ثقة ويعطي إشارة للرجل بأنه لا قيمة لها ولا رأي لها |
يحفز في الرجل قيادته الحكيمة ويجعله يعترف بخطئه فورًا ويعزز لديه طاقة العطاء والحماية |
يحفز في الرجل التجاهل، ويجعله يستمر في الانتقاد والتحقير ويزيد لديه البخل والشح |
تكون فيه الأنثى مستمتعة سعيدة مشبعة مشاعريًا |
تكون فيه الأنثى متألمة تعيسة فقيرة مشاعريًا |
كما قلنا من قبل فإن طاقة الأنوثة هي السلام، الاحتواء، والرعاية، لذلك سنركّز في هذا التمرين على تفعيل هذه الصفات..
1- اجلسي في مكان هادئ، واستحضري الذكور الموجودين في حياتك الآن.
2- ابدأي بملاحظة النقاط التي تركزين عليها في هؤلاء الذكور، وخاصة النقاط السلبية.
3- قولي لنفسك أنا أنثى، والأنثى تحتوي وترعى، وترى التفاصيل، لذلك ولأنني أنثى سأبدأ من هذه اللحظة في التركيز على التفاصيل الإيجابية في هؤلاء الذكور.
4- تخيلي أحد هؤلاء الذكور (شريك حياتك مثلًا)، وقولي له، أنا أحتويك، أنا أعرف أنك لا تقصد أن تسبب لي أي مشاعر سلبية، أعرف أنك تقوم بهذا ربما لأنك متعب، وأنا أتقبلك كما أنت وأحتويك لأنني أنثى بالله، ولست بالشكل الخارجي فقط.
هذا التمرين سيساعدك على تعزيز طاقة الأنوثة أكثر، وعيشها بشكل حقيقي يومًا بعد يوم، مما يجعلك تلمسين نتائجها المذهلة في حياتك بمشيئة الله.